(العنف ضد المرأة في العراق)

د.ياسر البراك                                                                                                                            كلية الاعلام_جامعة ذي قاريمثل العنف ضد المرأة أحد الظواهر الخطيرة في المجتمع العراقي ، وتعود جذور تلك الظاهرة إلى الطبيعة البنيوية التي يتشكَّل منها هذا المجتمع ، فالطبيعة القبائلية والدينية تؤسس لثقافة ذكورية واضحة تُمارس نوعاً من ( العزل الإجتماعي ) للمرأة بوصفها ( عورة إجتماعية ) ، لذلك تحاول أن تُقصي المرأة عن كثير من أدوارها في الحياة العامة ، خاصة في ميدان العمل والتصدّي لبعض الأدوار الإجتماعية ، وعلى الرغم من التفاوت الزمني لمستويات هذه النظرة قبل الإحتلال عام 2003 وما بعده ، فضلاً عن التفاوت الجغرافي من مدينة عراقية إلى أخرى ، إلا أن ثمَّة مشتركات واضحة تتجاوز الحدود الزمانية والمكانية ، تكون فيها المرأة – على الدوام – ضحية العنف الذي تُمارسه تلك الثقافة الذكورية المتجذرة في المجتمع العراقي ، فضلاً عن التشريعات القانونية التي مازالت متخلفة عن مواكبة تفاقم حالات العنف ضد المرأة التي إزدادت بشكل كبير بعد الإحتلال حيث ضعفت الدولة وأصبحت غير قادرة على تطبيق القانون بشكل صارم ، فضلاً عن تفاقم نزعة العنف في المجتمع العراقي في ظل الصراع السياسي بين المكونات على السلطة والخطابات الطائفية التي جعلت من الإنسان العراقي مشروعاً يومياً للقتل المجاني ، ناهيك عن إنتشار السلاح والتنظيمات المسلحة خارج سلطة الدولة ، الأمر الذي ساهم في إشاعة نوع من المناخ الإجتماعي لتقبّل العنف بوصفه أمراً مقبولاً مع وجود تبريرات تضليلية على الدوام لممارسته ضد المرأة مثل جرائم الشرف وغيرها في ظل شيوع مواقع التواصل الإجتماعي وما رافقها من إستخدام سيء لإنشاء علاقات شاذة تكون المرأة – على الأغلب - ضحيتها مثل الإبتزاز الالكتروني والاستدراج الجنسي وغيرها . لقد أجرت وزارة التخطيط العراقية مسحاً لأوضاع المرأة العراقية شمل الأعوام ( 2011 – 2021 ) ، وتضمن هذا المسح العديد من الفقرات التي تكشف بالأرقام ما تعانيه المرأة من مشكلات مثل : العمل ، والتعليم ، والزواج ، والعنف ، وقد خلص المسح إلى العديد من النتائج التي تكشف بشكل علمي الواقع البائس الذي تعيشه المرأة خاصة في ظل ما تعانيه من عنف موجه لها بشكل كبير ، فقد كشف المسح أن ( 29 % ) من النساء يتعرضن لجميع أشكال العنف ، بينما يأتي العنف الإقتصادي بنسبة ( 22 % ) حيث يمارسه الأزواج تجاه زوجاتهم ، في حين يُشكّل العنف اللفظي نسبة ( 12 % ) ، بينما تتعرض النساء إلى العنف الجسدي بنسبة ( 6‚3 % ) ، ويشكّل العنف الجنسي ما نسبته ( 8 ‚ 1 % ) ، ومع أنه لا يمكن الوثوق بالبيانات الحكومية بنسبة عالية من الصدقية بسبب غياب الشفافية في الوصول للمعلومات ، إلا أن هذه الأرقام تشكّل مؤشراً خطيراً على وضع المرأة وما تُعانيه ، الأمر الذي دفع بمجلس القضاء الأعلى إلى إصدار بيان في 10 / 1 / 2021 تضمَّن تشكيل محكمة متخصصة بالنظر بقضايا العنف الأسري وبضمنها العنف ضد المرأة إضافة إلى أعمالها ويكون مقرها في مركز كل منطقة إستئنافية ، ما يعني أن ثمَّة إستشعاراً واضحاً من قبل القضاء العراقي لهذه الظاهرة الخطيرة في ظل إستشراء ثقافة العنف ، فضلاً عن إطلاق العنان للقيم العشائرية المتزمّتة تجاه المرأة والثقافة القبائلية المتحالفة مع الثقافة الدينية ونظرتها الراديكالية تجاه المرأة . إن التقليل من هذه الظاهرة يحتاج إلى وضع العديد من البرامج الحكومية التي تمارس نوعاً من   ( التأهيل الإجتماعي ) لمختلف المواطنين ذكوراً وإناثاً عبر وضع ( إستراتيجية وطنية ) لتقليل منسوب العنف في المجتمع عموماً ، وتجاه المرأة على وجه الخصوص حيث ينبغي أن تتظافر جهود العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية ، وضرورة الإفادة من التجارب العالمية في المجتمعات المتقدمة ونقل خبراتها من أجل تمكين المرأة العراقية في الحياة العامة أولاً ، وتحقيق نوع من الإستقلال الإقتصادي لها عن هيمنة الرجل ، فضلاً عن تدعيم وضع المرأة وحمايتها بالعديد من التشريعات القانونية التي يُمكنها أن تمنح المرأة شخصيتها المستقلة والموازية للرجل من ناحية المواطنة ._مركز تمكين للمشاركة و المساواة

د.ياسر البراك                                                                                                                            كلية الاعلام_جامعة ذي قار

يمثل العنف ضد المرأة أحد الظواهر الخطيرة في المجتمع العراقي ، وتعود جذور تلك الظاهرة إلى الطبيعة البنيوية التي يتشكَّل منها هذا المجتمع ، فالطبيعة القبائلية والدينية تؤسس لثقافة ذكورية واضحة تُمارس نوعاً من ( العزل الإجتماعي ) للمرأة بوصفها ( عورة إجتماعية ) ، لذلك تحاول أن تُقصي المرأة عن كثير من أدوارها في الحياة العامة ، خاصة في ميدان العمل والتصدّي لبعض الأدوار الإجتماعية ، وعلى الرغم من التفاوت الزمني لمستويات هذه النظرة قبل الإحتلال عام 2003 وما بعده ، فضلاً عن التفاوت الجغرافي من مدينة عراقية إلى أخرى ، إلا أن ثمَّة مشتركات واضحة تتجاوز الحدود الزمانية والمكانية ، تكون فيها المرأة – على الدوام – ضحية العنف الذي تُمارسه تلك الثقافة الذكورية المتجذرة في المجتمع العراقي ، فضلاً عن التشريعات القانونية التي مازالت متخلفة عن مواكبة تفاقم حالات العنف ضد المرأة التي إزدادت بشكل كبير بعد الإحتلال حيث ضعفت الدولة وأصبحت غير قادرة على تطبيق القانون بشكل صارم ، فضلاً عن تفاقم نزعة العنف في المجتمع العراقي في ظل الصراع السياسي بين المكونات على السلطة والخطابات الطائفية التي جعلت من الإنسان العراقي مشروعاً يومياً للقتل المجاني ، ناهيك عن إنتشار السلاح والتنظيمات المسلحة خارج سلطة الدولة ، الأمر الذي ساهم في إشاعة نوع من المناخ الإجتماعي لتقبّل العنف بوصفه أمراً مقبولاً مع وجود تبريرات تضليلية على الدوام لممارسته ضد المرأة مثل جرائم الشرف وغيرها في ظل شيوع مواقع التواصل الإجتماعي وما رافقها من إستخدام سيء لإنشاء علاقات شاذة تكون المرأة – على الأغلب - ضحيتها مثل الإبتزاز الالكتروني والاستدراج الجنسي وغيرها .

لقد أجرت وزارة التخطيط العراقية مسحاً لأوضاع المرأة العراقية شمل الأعوام ( 2011 – 2021 ) ، وتضمن هذا المسح العديد من الفقرات التي تكشف بالأرقام ما تعانيه المرأة من مشكلات مثل : العمل ، والتعليم ، والزواج ، والعنف ، وقد خلص المسح إلى العديد من النتائج التي تكشف بشكل علمي الواقع البائس الذي تعيشه المرأة خاصة في ظل ما تعانيه من عنف موجه لها بشكل كبير ، فقد كشف المسح أن ( 29 % ) من النساء يتعرضن لجميع أشكال العنف ، بينما يأتي العنف الإقتصادي بنسبة ( 22 % ) حيث يمارسه الأزواج تجاه زوجاتهم ، في حين يُشكّل العنف اللفظي نسبة ( 12 % ) ، بينما تتعرض النساء إلى العنف الجسدي بنسبة ( 6‚3 % ) ، ويشكّل العنف الجنسي ما نسبته ( 8 ‚ 1 % ) ، ومع أنه لا يمكن الوثوق بالبيانات الحكومية بنسبة عالية من الصدقية بسبب غياب الشفافية في الوصول للمعلومات ، إلا أن هذه الأرقام تشكّل مؤشراً خطيراً على وضع المرأة وما تُعانيه ، الأمر الذي دفع بمجلس القضاء الأعلى إلى إصدار بيان في 10 / 1 / 2021 تضمَّن تشكيل محكمة متخصصة بالنظر بقضايا العنف الأسري وبضمنها العنف ضد المرأة إضافة إلى أعمالها ويكون مقرها في مركز كل منطقة إستئنافية ، ما يعني أن ثمَّة إستشعاراً واضحاً من قبل القضاء العراقي لهذه الظاهرة الخطيرة في ظل إستشراء ثقافة العنف ، فضلاً عن إطلاق العنان للقيم العشائرية المتزمّتة تجاه المرأة والثقافة القبائلية المتحالفة مع الثقافة الدينية ونظرتها الراديكالية تجاه المرأة .

إن التقليل من هذه الظاهرة يحتاج إلى وضع العديد من البرامج الحكومية التي تمارس نوعاً من   ( التأهيل الإجتماعي ) لمختلف المواطنين ذكوراً وإناثاً عبر وضع ( إستراتيجية وطنية ) لتقليل منسوب العنف في المجتمع عموماً ، وتجاه المرأة على وجه الخصوص حيث ينبغي أن تتظافر جهود العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية ، وضرورة الإفادة من التجارب العالمية في المجتمعات المتقدمة ونقل خبراتها من أجل تمكين المرأة العراقية في الحياة العامة أولاً ، وتحقيق نوع من الإستقلال الإقتصادي لها عن هيمنة الرجل ، فضلاً عن تدعيم وضع المرأة وحمايتها بالعديد من التشريعات القانونية التي يُمكنها أن تمنح المرأة شخصيتها المستقلة والموازية للرجل من ناحية المواطنة .

_مركز تمكين للمشاركة و المساواة